عندما أنهيت دراستى الثانوية حقق الله لى تلك الأمنية وانتقلنا لنقطن بيتا مطلا على فناء مدرسة…كما تمنيت تماما حتى أن نافذة حجرتى أيضا تطل عليها .
أول يوم فى دراستى الجامعية استيقظت مبكرا لا للجامعة…ولكن لمشاهدة الأطفال فى طابور الصباح….لكننى انزعجت….ليس من الضوضاء التى يحدثها الأطفال….ولا من صوت الصفارة التى يصر مستخدمها أن ينفخ فيها بعنف….تستطيع من صوت الصفارة أن تعلم إن كان الذى ينفخ فيها ينفخ قاصدا لم الشمل…أم ينفخ قاصدا السيطرة…أم ينفخ قاصدا التوبيخ…..ما أزعجنى حقا هو مدير تلك المدرسة…. ذلك الرجل الذى جعلنى ولمدة سنتين أكره أن أستيقظ على صوته….رجل قمة فى جهل كيفية التعامل مع التلاميذ….لم أر منه معهم رفقا قط…لم يقدر حتى أنهم لا يزالون أطفال….كثيرا ما كنت أستيقظ على شتائم لا أستطيع أن أتلفظها أصلا….كثيرا ما كنت أسمع توبيخه لأولياء الأمور… أحيانا كنت أتخيل نفسى أنى أحد هؤلاء التلاميذ وأن على يوميا أن أفتح عينى مبكرا -عين الطفلة- , و أن أحمل الأمل بداخل قلبى -قلب الطفلة- وعلى ظهرى حقيبة هموم ملاقاة هذا الرجل بضعفى - ضعف الطفلة -عندها أستفيق من خيلاتى ويستبدل بداخلى قلب الطفلة هذا بقلب أم شرسة لا ترى أمامها سوى أن عليها ضرب رجل سبب ألما نفسيا لابنها
منذ بدأ العام الدراسى الحالى …ونحن جميعا فى البناية لم نسمع لهذا الرجل صوتا….لا أعلم أين سار به القدر .
صار لى أسبوعين أستيقظ على صوت طبول حربية تدقها كفوف صغيرة فى نهاية طابور الصباح و بالرغم من أن هذه الطبول تنتزعنى من نومى عندما أكون فى أشد الحاجة لنصف ساعة إضافية فقط من النوم إلا أنه يسرنى أن تلك الكفوف الصغيرة استطاعت أخيرا أن تبدع .
اليوم استيقظت مبكرا تناولت فطور صغير و راجعت أوراقى ثم ذهبت إلى حجرتى أرتدى ملابسى استعدادا للخروج وعندها سمعت صوتا طفوليا فى مكبر الصوت :
" و الآن مع القرأن الكريم والطالبة آلاء"
تبعه صوت طفولى أخر يتلو
" قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "
ثم توالت الأصوات الطفولية تباعا بإذاعة مدرسية من أجمل ما تكون …أصوات واثقة ….أصوات مشرقة
و خُتمت الإذاعة بصوت رجولى
" نحيى فريق إذاعة فصل أولى أول "
تعالى تصفيق التلاميذ الصغار…و أنا أتمتم
"حيّاك الله يا هذا كما أحيييت فى نفوسهم أملا "
26-10-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق