لم تكن تحبه لكن كانت سعيدة و راضية به عندما تزوجته حمدت الله كثيرا أن رزقها شخص مثله بتلك الأخلاق الحميدة قد تكون به صفات قليلة تضايقها أحيانا إلا أنها تتأقلم مع ذلك فهي تعلم أنه لا يوجد شخص أو شئ كامل في هذه الدنيا ثم أنها أيضا تعلم عن نفسها ما لا يحتمله إلا قريب ...مرت سنتان حتي الأن علي زواجهما...مرت السنة الأولي بهدوء و سعادة لم يكدرها شئ سوي تلك الخلافات البسيطة التي تحدث بين أي زوجين حديثي الزواج و تمر سريعا لتعود المودة بينهما أما السنة الثانية فقد استصعب علي الشيطان أن يري زوجين يسعدان سويا في الحلال بدأ وسوسته مع الزوج ... إنها ليست بقدر وسامتك كنت تستحق من هي أكثر منها جمالا...كثيرة الكلام و أنت شخص تحتاج للهدوء...صوتها يعلو عند خلافاتكم...تضرع الزوج إلي الله طالبا منه أن يصرف تلك الوساوس عنه و ظل يذكر نفسه دائما أنها لم تعرف قبله رجلا طاعة لله و حفظا لكرامة هذا الزوج الذي كان وقتها في علم الغيب بالنسبة لها ... و ظل يستدعي تلك الابتسامة من ذاكرته التي ترسمها من قلبها له و هي تقول له اصبر ربنا كريم.... يئس الشيطان أن يفسد ذلك الزواج المستقر من خلال الزوج فانتقل بوسوسته إليها وسوس لها مرارا و تكرارا حاولت صده إلا أنها بدأت تسمع إليه و تطلق العنان لأفكارها ممنية نفسها أنها مجرد أفكار لن تخرج خارج حيز تفكيرها....يتركك بالساعات وحيدة...لم تحبيه في الأساس تزوجتيه ارضاء لأهلك...لم يكن هذا من تخيله عقلك...ليست تلك هي الحياة التي كنتي تريدينها...تتصارع الأفكار داخل رأسها ...تبكي كثيرا ...تختنق...يبدو عليها الحزن و الشرود دائما يسألها زوجها ما بك لا تجد ما تقوله له فما ستقوله حتما سيجرحه كما أنها في قرارة نفسها تعلم أن ما تفكر فيه ليس له أساس من الصحة فتجيبه بأنه لا شئ...حاول أن يروح عنها بزيارات و تنزهات ... حاول أن يقضي معها وقتا أطول مما مضي ... ظلا علي ذلك الحال شهورا يشعر بما تعانيه إلا أنه لا يصارحها فلا زال لديه أمل أن يكون مخطئا فيما يظن فهو يخشي أن يفقدها.. تبكي كثيرا...و تسأل الله أن يريها الحق حقا و يرزقها اتباعه و أن يريها الباطل باطلا و يرزقها اجتنابه...قرر الزوج أن يتيح لها فرصة التفكير بلا قيود قال أن لديه مهمة خارج المدينة و أنها ستستغرق أسبوع أو أسبوعين سافر و جلست هي وحيدة بلا روح تتشابه الأيام تتحرك الدنيا من حولها و تبقي هي في مكانها ...ذاك اليوم في بداية الأسبوع الثاني هاتفتها صديقتها من أيام الجامعة و التي سافرت مع زوجها خارج البلاد للعمل لقد مرت سنتان منذ تقابلا أخر مرة فاتفقت معها أن تزورها قبل أن تنتهي أجازتها و تعود مع زوجها عندما جائتها صديقتها أخذا يعيدا شريط الذكريات مرورا بأيام الجامعة و صحبة البنات و ليالي الامتحانات تذكرا يوم التخرج و يوم خطبة و زفاف كل منهما ...ضحكا من قلبهما بلا هموم انتهت الزيارة و مضت صديقتها بعد أن أدخلت السرور عليها ثم تركتها لتلك الذكريات الجميلة تتبسم كلما تذكرت منها جزءا ..ذلك اليوم عندما دخلت عليها أمها و قالت لها أتاك خاطبا فاكتسي وجهها بحمرة الحياء....و ذلك اليوم عندما زارهم لأول مرة مع أسرته و هرب كل منهما بعينه من الأخر خجلا...و ذلك اليوم رأت السعادة علي وجهه عندما طوق خاتم الخطبة اصبعها ...و ذلك اليوم عندما ارتدت فستانها الابيض و قال لهما المأذون بالرفاء و البنين... الأن أذكر أني في كل تلك المشاهد كنت سعيدة راضية كيف نسيت كل ما مضي كيف أوهم نفسي أني لم أحبه أليس مابيننا هو المودة و الرحمة لماذا نوهم أنفسنا أحيانا و نتعلق بفكرة ما و نغفل عن ما نمتلكه فعلا و نحبه ...كيف كنت غبية إلي هذا الحد ... لقد قدر الله لنا أن نكون متلازمين و الملازمة هي الحب في حد ذاته فقبلها يكون الاعجاب عن بعد ثم الانجذاب و التعلق عن قرب فاذا تمت الملازمة فإن ذلك تمام الحب ...قد يلقي الامتعاض أو الاعجاب في قلوبنا لكننا نحن من نختار بعد ذلك التمادي ليتحول الامتعاض إلي كره أو يتحول الإعجاب إلي حب و نحن أيضا من نختار أن نحول الكره إلي مودة أو نحول الحب إلي بغض ...قطع تفكيرها صوته و هو واقف علي باب الشرفة خلفها: لم أقدر أن أنتظر أسبوعا أخرا حتي أراك...هرولت إليه قائلة: حمدا لله علي سلامتك رأي في عينيها ذلك البريق الذي رأه عندما طوق خاتم الخطبة اصبعه و علي وجهها تلك السعادة التي رأها يوم اردت فستانها الابيضابتسم لها قائلا : بل حمدا لله علي سلامتك أنت
2-8-2009