راندا هى صديقتى البعيدة...نعم قلما يكون هناك أصدقاء بعيدون عنك.....أنا و راندا صديقتان رغم البعد.
تعرفت على راندا بالصف الأول الثانوى فى المعهد الذى كنت أحفظ فيه القرأن و أتلقى فيه دروس المدرسة الخصوصية .عندما ترانى أقف صامتة بجوار راندا لا يمكن أن تقول أننا صديقتين...لكن إذا تحدثنا تجد وكأننا تربينا سويا هكذا كنت أشعر مع راندا كنا فى غاية البساطة و غاية الراحة .
فى أحد أيامنا بالمعهد انتهت دروسنا متأخرة عن ميعادها و كالعادة كنت سأعود إلى بيتى سيرا أنا و هى فطريقنا واحد إلا أننا نفترق عند بيتى وتكمل راندا السير إلى منزلها مدة عشر دقائقيومها صادف أن ميعاد خروجنا قريب من ميعاد خروج مريم ابنة عمتى من دروسها بنفس المعهد فقد كان أمامها من الوقت ربع الساعة و بما أن الوقت كان شبه متأخرا فانتظرتها لنعود سويا فهى تقطن معنا بنفس العمارة
جلست أنتظر مريم وجلست معى راندا فلمحتنا معلمة القرأن و سألتنا :ماذا تنتظرون؟قلت : أنتظر مريم لنرجع سوياقالت : وأنت يا راندا؟راندا :سأسير معهم فرفضت المعلمة أن تنتظر راندا معى وقالت لها : فى هذا الوقت تكونى أنت قد وصلتى بالطبع أومأت راندا إلى وكأنها تريد أن تقول :اعذرينىوأومأت لها أنا أيضا أريد أن أقول :اعذرينى و غادرت راندا
لم أفهم ما أرادته المعلمة من فعلتها هذه يومها لكننى اليوم عندما أصبحت لا ألتقى راندا سوى تليفونيا وعلى فترات متباعدة فهمت ما أرادته المعلمة .
بالنسبة للمعلمة فصداقتى مع راندا و حبى لها من أجل الله كان كل ما تأمل... فحجاب راندا أفضل من حجابى ...وحياء راندا أعلى من حيائى...و قرأن راندا مجودا عن قرأنى...و راندا تحضر دروس العلم أكثر مما أحضر و ارتباطى بها بالطبع كان سيوفر على المعلمة الكثير من الجهد فى تحفيزى لتعلم العلم إلا أنها أرادت يومها أن تعلمنى أنى مهما ارتبطت براندا فإننا سنفترق سواء فراق الحياة أو فراق الموت و أن العبرة ليس بأن نسير كل الطريق سويا لكن العبرة بأن نلزم الطريق... قد نلتقى فى أوله ...قد نلتقى فى وسطه أو لا نلتقى على الإطلاق لكن المهم أن نلتقى فى أخره و أخره هذا هو حين يصل كل منا إلى منزله فنتشارك فى الحالة فأكون فى منزلى و تكون فى منزلها إلا أننا ملتقيان معنويا بأن كل منا ينعم بأمن منزله.
اليوم إن رأيت راندا فلن أومئ لها بأن تعذرنى ولن أقبل أن تبدى هى لى اعتذارا...فنحن لم نبتعد أصلا لتنقترب... فكل يوم كلما قرأت ورد القرأن أذكر صوتها وهى ترتله...و كلما وقفت أهندم حجابى بعد أن أكرمنى الله بتوسيعه أذكر حجاب راندا الفضفاض....أذكرك يا راندا لأنى أذكر الله ...و لو لا ذكر الله ما ذكرتك..... قد لا نلتقى إلا أننا نسير نفس الطريق...الطريق هو ما يذكرنى بك و لست أنت من يذكرنى بالطريق و الله وحده هو من يحفظنا على الطريق .
و كما أنى لم أعد ألتقى راندا لبعد المكان فإننى أيضا لم أعد ألتقى معلمتى لكن من علمك القيم يعيش بداخلك أبد الدهر فالمعلم هو الذى يعلمك ما به تثبت علي الطريق و ينبهك لصفات من تصحبه فيه كرفيق و ليس بمعلم أبدا من يعلق قلبك برفيق سوف يفني أو قد يحيد و تبقي وحدك من بعد فناءه تائها أو من قبل فناءه حائدا معه عن الطريق .
سأبقى إن شاء الله على الطريق مهما تبدل المعلم و الرفيق فالله يجعل لك فى كل شبر من مسيرك عبدا من عباده يثبتك كلما وجدك وحيدا لازلت تسير بنفس الطريق.
16-4-2010