الأربعاء، 23 يونيو 2010

ساكن..و..متحرك

"لا نبدأ بساكن و لا نقف على متحرك"
هكذا علمتنا معلمة القرآن و هي تعلمنا قواعد القراءة و معنى هذه القاعدة أن الحرف الأول الذي نبدأ به القراءة دائما له حركة سواء بالفتح أو الضم أو الكسر و الحرف الذي نقف عليه في وسط أو أخر القراءة لابد و أن نسكنّه أي أنه لا يفتح و لا يضم و لا يكسر.
هذا فيما يخص القراءة لكن إذا نظرنا في هذه القاعدة نجدها تحكم كل الأمور فأي شئ إذا بدأ فإنه يبدأ بحركة .
فإن كان الأمر يقتضي إقداما ففتحه حركة مطلوبة للإبحار فيه ، و إن كان الأمر يقتضي التروّي فضمه حركة مناسبة لبدئه بداية صحيحة ، و إن كان الأمر يقتضي التخلي فكسره لا يعني افساده إنما يعني البدء بصفحة جديدة ،إذا لابد من حركة فلا شئ يبدأ بالسكون .

ثم بطبيعة الحال أن كل شئ نسير فيه تتخلله وقفات استراحة تماما كما تتخلل قرائتنا وقفات نلتقط فيها أنفاسنا لنتمكن من الإستمرار و في هذه الحالة قد يكون أصل الحرف الذي نقف عليه متحركا إلا أننا نسكنّه لأننا احتاجنا لوقفة وقفة ليست للتراجع و إنما وقفة الاستمرار فإذا اقتربنا من نهاية القراءة نكون قد مررنا على أحرف كثيرة أعطيناها حركات بذلنا فيها أنفاسنا لنصل إلى أخر كلمة تتم بها قرائتنا و عندها نهيئ الأنفاس لتستقبل الحرف الأخير بالسكون و سكون هذا الحرف ليس سكون الاستمرار إنما هو سكون الإستقرار الذي يأتي بعد بذل .

أوجدنا الله في الزمان الذي قدّر سبحانه أن لنا دور فيه فهو الزمان الذي تبدأ فيه حياتنا لأن لنا فيه حركة و عمل ثم يتتخللهما فترات سكون نستعيد فيها طاقاتنا لنستمر في العمل حتى إذا انتهت فرصتنا في الدنيا و لم يعد لدينا ما بوسعنا أن نقدمه يتوفانا الله فلا أحد يولد قبل أن يهيئ له الله العمل و لا أحد يُقبض قبل أن يستوفي فرصته في أن يقدم عملا ،فحياتنا هي الأخرى لا تبدأ بساكن و لا تقف على متحرك .
20-6-2010