ميزان قلبك
........................
بمعمل الكيمياء التحليلة لدينا ما يدعى ب "الميزان الحساس" و هو عبارة عن ميزان إلكترونى مكون من قاعدة بها كل الأزرار اللازمة لتشغيل الجهاز و يعلوها مربع معدني نقوم بوضع المواد المراد وزنها عليه .
... قبل أن نقوم بعملية الوزن هناك خطوة هى أهم ما يكون فى عملية الوزن و هى خطوة "تصفير الميزان" و معناها أننا نقوم أولا بضبط الميزان حتى لا يزن أى شىء لا نريد حساب وزنه ضمن وزنة المادة المراد وزنها كالورقة مثلا التى نضع فوقها المادة فنضع الورقة و نضغط زر التصفير أو أحيانا يكون بالميزان خطأ ما فيزن من فوق الصفر من تلقاء نفسه وعندها أيضا نقوم بعملية تصفيره حتى إذا قمنا بالوزن يظهر لنا وزن المادة فقط مهما كان صغيرا .
تشبه قلوبنا كثيرا هذا الميزان الحساس ، تحتاج من وقت لأخر لعملية تصفير نطرح فيها جانبا كل ما قد يشوش عملية وزنها لأمور تحل بحياتنا.
احمل سراجا و ادخل بنفسك داخل غرف قلبك ، تفقدها و انظر لتلك البقايا المختبئة فى أركانها؛ تلك التى تجعلك فى كل مرة تعرض عن الجلوس بصفاء مع نفسك ، ادخل غرفة الذكريات انظر لما آلمك منها ، كم أصبحت بالية و كساها الصدأ ، انظر لم تعد لها أية فائدة ! ،كل ما تفعله بك هو أنها تحمل قلبك بحمل زائد يرهقه ، أخرجها بيدك وامسح آثارها عن قلبك برفق و اتقان ستفاجأ بأن لقلبك لون جميل غير الذى كان ،لون جميل مثل لون الحياة .
انظر لتلك المخاوف....لا...لا تذهب و تعرض عن مواجهتها و تغلق الباب عليها ،اقتحمها و تفقد غرفتها ...ستجد منها ما يجعلك تضحك و يجعلك تتسائل كيف أسرفت على نفسك فى أوهام وضخمتها بيديك حتى اعتبرتها مخاوف ثم خشيت منها و هى فى أصلها لا شئ ! ، و ستجد منها ما لك كل الحق فى أن توجس فى نفسك منها خيفة ، تذكر السراج ...لازلت تحمله قربه من تلك المخاوف ...تحسسها ...كن جريئا ...نعم متعرجة ،نعم ليست سهلة و بالفعل مرهقة لكن كما ترى إنها لا تقتل !انظر لم يتوقف قلبك بوجودها اسشعره ما زال ينبض ! انقلها فورا من غرفة الخوف إلى غرفة الإيمان و قل لربك يارب هذى مخاوفى و ضعتها أمام إيمانى بأنك معى و أنك ستهدين، خفف الحمل الذى تحمله فى غرفة الخوف حتى لا يثقلك عن أن تحيا و املأ غرفة الإيمان فهى غرفة ترحب بكل خاطر يقلقك من هم و حزن و خوف و شتات إنها تستقبل تلك الهواجس جميعا و تحللها ثم تعيدها لك و قد حولتها من هم إلى تسليم و من حزن إلى رضا و من خوف إلى حسن ظن و من شتات إلى نور .
استكشف قلبك و تأكد بأن كل ما فيه ليس زائدا و أن كل خاطرة و كل عقيدة موجودة فى مكانها الذى لا بد أن تكون فيه.
بعدها لن يخدعك قلبك كما خدعك من قبل و لن يحمل الأمور وزنا مضللا يثقل عليك كما أثقل عليك من قبل، بل سيبصرها بكل وضوح و يخبرك عن مقياسها بكل صدق ستفاجأ بأنك أصبحت تحب قلبك و تحب صدقه معك و ستجد أن الأمور جميعها تمضى مهما كبرت أو صغرت و أن قلبك هو الشىء الوحيد الذى سيبقى معك طالما أنك على قيد الحياة وأن ما تحمله فيه سيغادر معك و أنت مغادر فتفقده من حين لحين عل شيئا قد علق فيه و ابذل كل جهد يمكن لك أن تبذله لتستعيد حساسية ميزان قلبك واجعل له نقطة كما نقطة الصفر بميزان المعمل الحساس و اكتب عليها " نقطة الصدق" ثم عد إليها
كلما شعرت أنك ابتعدت .
العين الجارية
"ندى عباس"
29-1-2012