في محاولة للتصرف بإيجابية في مواجهة التدخين أحاول إذا ركبت تاكسي أن ألحق السائق قبل أن يشعل سيجارته و أستأذنه أن يؤجل إشعالها إلى بعد أن يوصلني و في معظم الحالات لا يمانع السائق بل إن أحدهم يوما رحب بشدة ثم قال : ( ربنا يتوب علينا منها ) فأمنت على دعائه .
ألحق السائق قبل أن يشعلها لأنني أعلم أنه إذا أشعلها فسيكون في طلبي أن يطفئها إشعال لغضبه .
و ظللت على هذا الحال مدة طويلة إلى أن أتى يوم ركبت فيه تاكسي في نفس اللحظة التي يركب فيها شخص أخر ، ركب ذلك الشخص بجانب السائق و ركبت في الخلف و بمجرد تحرك السائق أشعل الراكب سيجارته ، لم ألحق أن أمنعه لكنني أيضا لم أبذل جهدا لأتكلم و أبين له أني كنت أحاول أن أمنعه قبل أن يشعلها و ظللت صامتة و قلت:
(سيجارة و هتخلص )
لكن عواقب الصمت عن الخطأ تجر في ذيلها سلسلة من التمادي فيه ، فجأة أخرج هذا الرجل سيجارة و قدمها للسائق فقبلها ، عندما همّ السائق بإشعلها كنت سأحاول منعه لكنني تراجعت قائلة لنفسى
(كان من الأول ما انتي سيبتي الأولانى اشمعنى ده )
و أنا التي كنت مستاءة من سيجارة ... سيجارتان ..اشربي .
و تزداد عواقب صمتي أكثر و أكثر فيخرج الراكب سيجارة ثانية و ينهي السائق سيجارته الأولى ليبدأ في الثانية ليصبح مجموع ما شربته أنا سلبيا يومها أربع سيجارات من الصمت.
ذكرنى ذلك الموقف بقصة أصحاب السبت عندما تحايلوا على الشرع واخذوا يحبسون السمك فى المياه فى شباكهم يوم السبت ,اليوم الذى نُهوا فيه عن الصيد, ثم يخرجونها من المياه يوم الأحد
فكان من القوم فرقة لم تسكت على الخطأ ...فعوتبت على إيجابيتها كما يخبرنا الله فى سورة الأعراف
وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ
وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
من سكت... سكتت عنه الآيات أو قد يكون بسكوته من الذين ظلموا....و من وعظ ...وعظتنا به الآيات...و نجا من عواقب الظلم
بقدر ما استطعت حاول أن تمنع أي خطأ قبل أن يبدأ ...و إذا بدأ قبل أن تنجح في منعه فلا تصمت و أظهر استيائك منه ...و إن شاركت فيه من قبل فلا يمنعنك ذلك من رفضه وتجنبه إذا تكرر ...لا تتمادى في الصمت عن الخطأ فأنت أول من سيتجرع عواقب صمته.