منذ يومين شعرت بفراغ لم يملؤه جلوسى أمام التلفاز باحثة عن برامجى المفضلة و ضاقت علىّ كتبى التى عزمت على قرائتها بالرغم من تنوعها و كثرتها فعزفت عنها...ولم تجدى معى شرائط المحاضرات التى أحب سماعها...و لم يقضى حتى على ذلك الفراغ استمتاعى بترتيب الغسيل لتنشيره...أحاول النوم فأشعر بالفقد أكثر و أكثر فقد كان كلامه هو أخر ما تقع عليه عينى قبل نومى....ها أنا أعترف...إنى أفتقده... نعم أفتقده كثيرا.
يأتى علىّ صباح الأربعاء يوم زيارته الأسبوعية فأسأل عنه فتخبرنى أختى الصغيرة أنه سيأتى مع أبى , يوم الأربعاء يوم كامل لأبى فى العمل إذا لن يأتى إلا فى المساء...يأتى المساء...ولم يأت مع أبى....و جاء الخميس ولم يأت...كم أفتقدك يا ماجد.
أنا و ماجد لدينا طقوس خاصة هو دائما يفهمنى كنا نتشارك طفولتنا مع صديقين* له, كان يوميّ الأربعاء و الخميس يومىّ عيد بالنسبة إلى, كانت تكفى رؤية ثلاثتهم فأنعزل معهم و أنشغل و لا يسمع لى صوت ...نتكلم فى هدوء و نضحك فى هدوء...حتى فرحنا كان فى هدوء.بالصغر كانت أمى تخبرنى أن الكذب حرام وأن الله يغضب لذلك ...و كانت معلمة المسجد تعلمنا حديث(إن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة وإن الرجل ليصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا وإن الكذب يهدى إلى الفجور و إن الفجور يهدى إلى النار وإن الرجل ليكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).و تحكى لنا معلمة الدين بالمدرسة عن الطفل الذى كان يمازح الناس فى الشاطىء و يصيح كاذبا إنى أغرق حتى يأتوا لإنقاذه و عندما يأتون يضحك و يقول أنه كان يمازحهم...وكرر ذلك حتى تعرض بالفعل للغرق و عندما صاح طلبا للإنقاذ لم يأتيه أحد لأنهم تعودوا منه الكذب.و أقرأ فى القصص النبوى التى أهدتها لى أمى عن حكايا كثيرة لأناس قالوا الصدق فنجوا.
لكننى مع علمى بكل هذا كنت أكذب...ضايقنى ذلك كثيرا لم أعرف كيف أتخلص من الكذب عندها قال لى ماجد :أفضل طريقة للتخلص من الكذب... هو أن لا تفعلى من الأصل شيئا يجعلك تكذبين , نعم ....أنت محق يا ماجد....لماذا لم تقل لى أمى ولا معلماتى هذا...لو تعلم كم أرحتنى يا ماجد...أحيانا نؤمن بالشىء لكننا فقط نحتاج لأحد يبسط لنا الأمر و يخبرنا كيف نفعله.
كنت معى فى طفولتى تضّحكنى و تشاركنى أوقاتى ...تأتينى دائما بما تعرف أنه سيفرحنىأتذكُر تلك الأبيات الركيكة التى كتبتها يوما ما و عرضتها عليك؟..... لم تقل لى يومها أنها ركيكة....فقط أخذتها منى بكل هدوء و قمت ببعض التعديلات البسيطة فيها ثم فاجئتنى بمشاركتها مع أصدقائك و أخبرتهم أننى أنا التى كتبتها....كان لذلك وقعه الخاص فى نفسى.
حتى بعدما كبرنا و علمت أننى لم أعد تلك الطفلة كنت تعرف كيف تحدثنى كفتاة ناضجة ...ثم تعلم متى أريد أن أتحرر من نضجى فتعود و تُحدّث فىّ تلك الطفلة الصغيرة.
و عندما تعرضت لأزمتى فى الجامعة و كدت أكرهها لدرجة العزم على تغير مجال الدراسة كنت أنت جانبى لم تحدثنى حديثا طويلا عريضا فقط جلست معى عشرة دقائق حكيت لى فيها بكل ود عن الطبيب المشهور الذى كان حلمه دراسة الهندسة لكنه درس الطب لرغبه والده و أن حبه للهندسة لم يجعله يكره الطب بل على العكس بذل جهدا و ذاكر و اجتهد حتى صار طبيبا مرموقا...خففت عنى الكثير بحكايتك هذه.
نعم يا ماجد لك مكان فى قلبى لا تملؤه كتبى و لا برامجى المفضلة و لا سماع المحاضرات و لا الجلوس مع الأصدقاء و لا تصفح الانترنت...مكان لا يملؤه سوى قراءة سطور صفحاتك...مكان أنا فيه طفلة صغيرة و فتاة ناضجة...و أنت دائما ماجد الذى يفهمنى.
_______________________________________
*الصديقان هما مجلتى "ميكى"و"بلبل"
9-7-2010
يأتى علىّ صباح الأربعاء يوم زيارته الأسبوعية فأسأل عنه فتخبرنى أختى الصغيرة أنه سيأتى مع أبى , يوم الأربعاء يوم كامل لأبى فى العمل إذا لن يأتى إلا فى المساء...يأتى المساء...ولم يأت مع أبى....و جاء الخميس ولم يأت...كم أفتقدك يا ماجد.
أنا و ماجد لدينا طقوس خاصة هو دائما يفهمنى كنا نتشارك طفولتنا مع صديقين* له, كان يوميّ الأربعاء و الخميس يومىّ عيد بالنسبة إلى, كانت تكفى رؤية ثلاثتهم فأنعزل معهم و أنشغل و لا يسمع لى صوت ...نتكلم فى هدوء و نضحك فى هدوء...حتى فرحنا كان فى هدوء.بالصغر كانت أمى تخبرنى أن الكذب حرام وأن الله يغضب لذلك ...و كانت معلمة المسجد تعلمنا حديث(إن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة وإن الرجل ليصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا وإن الكذب يهدى إلى الفجور و إن الفجور يهدى إلى النار وإن الرجل ليكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).و تحكى لنا معلمة الدين بالمدرسة عن الطفل الذى كان يمازح الناس فى الشاطىء و يصيح كاذبا إنى أغرق حتى يأتوا لإنقاذه و عندما يأتون يضحك و يقول أنه كان يمازحهم...وكرر ذلك حتى تعرض بالفعل للغرق و عندما صاح طلبا للإنقاذ لم يأتيه أحد لأنهم تعودوا منه الكذب.و أقرأ فى القصص النبوى التى أهدتها لى أمى عن حكايا كثيرة لأناس قالوا الصدق فنجوا.
لكننى مع علمى بكل هذا كنت أكذب...ضايقنى ذلك كثيرا لم أعرف كيف أتخلص من الكذب عندها قال لى ماجد :أفضل طريقة للتخلص من الكذب... هو أن لا تفعلى من الأصل شيئا يجعلك تكذبين , نعم ....أنت محق يا ماجد....لماذا لم تقل لى أمى ولا معلماتى هذا...لو تعلم كم أرحتنى يا ماجد...أحيانا نؤمن بالشىء لكننا فقط نحتاج لأحد يبسط لنا الأمر و يخبرنا كيف نفعله.
كنت معى فى طفولتى تضّحكنى و تشاركنى أوقاتى ...تأتينى دائما بما تعرف أنه سيفرحنىأتذكُر تلك الأبيات الركيكة التى كتبتها يوما ما و عرضتها عليك؟..... لم تقل لى يومها أنها ركيكة....فقط أخذتها منى بكل هدوء و قمت ببعض التعديلات البسيطة فيها ثم فاجئتنى بمشاركتها مع أصدقائك و أخبرتهم أننى أنا التى كتبتها....كان لذلك وقعه الخاص فى نفسى.
حتى بعدما كبرنا و علمت أننى لم أعد تلك الطفلة كنت تعرف كيف تحدثنى كفتاة ناضجة ...ثم تعلم متى أريد أن أتحرر من نضجى فتعود و تُحدّث فىّ تلك الطفلة الصغيرة.
و عندما تعرضت لأزمتى فى الجامعة و كدت أكرهها لدرجة العزم على تغير مجال الدراسة كنت أنت جانبى لم تحدثنى حديثا طويلا عريضا فقط جلست معى عشرة دقائق حكيت لى فيها بكل ود عن الطبيب المشهور الذى كان حلمه دراسة الهندسة لكنه درس الطب لرغبه والده و أن حبه للهندسة لم يجعله يكره الطب بل على العكس بذل جهدا و ذاكر و اجتهد حتى صار طبيبا مرموقا...خففت عنى الكثير بحكايتك هذه.
نعم يا ماجد لك مكان فى قلبى لا تملؤه كتبى و لا برامجى المفضلة و لا سماع المحاضرات و لا الجلوس مع الأصدقاء و لا تصفح الانترنت...مكان لا يملؤه سوى قراءة سطور صفحاتك...مكان أنا فيه طفلة صغيرة و فتاة ناضجة...و أنت دائما ماجد الذى يفهمنى.
_______________________________________
*الصديقان هما مجلتى "ميكى"و"بلبل"
9-7-2010
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق